جابري
المحتويات
على الباب مغمغما بصوته الأجش الذي يزلزل كيانها كله دفعة واحدة..
أفتحي يا بت جلبي بدل ما أهد الجدار كله مش الباب بس..
استندت هي الأخرى بجبهتها على الباب من الداخل و همست بصوت خفيض وصل لقلبه قبل سمعه قائلة.. هخاف منك لو عملت كده و انا مش عايزه أخاف منك..
لو يدي وقعت على اللي بيعطيكي مفتاح الباب كل ما أخفيه منك مهخلهوش ينفع حاله تاني واصل..
اممم.. طيب
تصبح على خير..
ابتسم بسعادة لسماع ضحكتها و رد عليها بلهفة قائلا..
وأنتي من أهلي..
قالها و سار
من أمام غرفتها على مضض دلف لداخل غرفة خضرا التي تصطنع النوم غالقا الباب خلفه پعنف..
تطلع لها بصمت قليلا قبل أن يقترب منها ويجلس بجوارها على الفراش و يتحدث بهدوء عكس مظهره الغاضب قائلا..
بعدت الغطاء المختبئة أسفله عن وجهها ببطء و نظرت له ببراءة مرددة..
أيه اللي رچعك تاني يا خوي..
نظر لها بحاجب مرفوع فكان شكله بغاية اللطافة و الوسامة أيضا..
و أخرتها وياك يا بت الناس .. من متي و أنتي أكده يا خضرا.. بتعطي المفتاح لسلسبيل من ورايا لأجل ما تقفل على نفسها..
أني مقصر معاك في حاچة يا خضرا !!..
حركت رأسها بالنفي ليكمل هو بحدة..
أنتي أكده ظالمه و إني لحد دلوجيت مطول بالي عليك..
ڠصب عني يا عبد الچبار..
قالتها بصوت تحشرج بالبكاء و هي تعتدل جالسة و نظرت له بأعين ترقرقت بها العبرات..
غيرانه عليك و جلبي مولع ڼار يا خوي.. مقدراش أشوفك وياها.. عقلي بيچن مني..
طلقها و وديها لأهل أمها أحب على يدك... ..
أطلقها!!!.. صړخ مقاطعا پعنف شديد ليطبق الصمت
من طرفها على الفور بينما يستطرد بغلظة..
أنتي اتخبلتي في عقلك إياك.. تتحايل عليا ياما
اتچوزها و دلوجيت عايزاني أطلقها!!!.. خضرا اعقلي و فكري في حديتك زين قبل ما تنطقيه و أفهمي إن سلسبيل مراتي كيفك بالتمام و هتفضل مراتي و أهل أمها دول أني هوديها بيدي تزورهم لما تطيب و تبقي زينة و هترچع في يدي و لو معوزهاش ترچع على أهنه هچبلها بيت چديد من بابه..
أردفت بها بجمود و نظرات متأججة..
............................ صل على الحبيب.....
مر يومان لم يتوقف خلالهما جابر عن محاولة الوصول ل عبد الجبار الذي أصبح بمثابة عدوه اللدود كل أفعاله هذه تحت مراقبة حسان و رجاله..
بعد يوم عمل شاق عاد لمنزله بموعد غير موعده المعتاد لعله يلمح زوجته التي تحبس روحها بغرفتها فور شعورها بوصوله..
كانت تسير لأول مرة بمفردها دون مساندة أحد خطواتها متثاقلة مرتجفة سيرها كمن يتعلم المشي حديثا حاملة على يدها بعض الثياب و منشفة قطنية تتجه بهم نحو الحمام المقابل لغرفتها فعلى ما يبدو أنها تستعد لأخذ حمامها اليومي..
كان يتابعها بلهفة و إشتياق فاق الحدود هي معه أسفل سقف واحد بينه و بينها خطوتين و لم يستطيع ضمھا لصدره
عبدالجبار أنت بتعمل أيه !!!..
هششش.. اتوحشتك قوي..
.
كانت هناك أعين تراقبهما و
ركضت مسرعة للأسفل لتجد خضرا بانتظارها..
حركت الصغيرة رأسها بالنفي و اجابتها ببراءة..
لع يا أمه دخل الحمام مع خالة سلسبيل و هو شايلها..
ضحكت بخيتة التي كانت تتجسس عليها كالعادة ضحكة مستفزة تظهر جميع أسنانها و هي تقول..
وه أمال عايزاه يشيل أمك العچل البغالي دهي.. يشيل مراته سلسبيل الكتكوته.. الصغيرة.. الصبية..
جملتها هذه جعلت النيران تلتهم قلب خضرا أكثر و أكثر..
الفصل العشرون..
.. بسم الله الرحمن الرحيم.. و لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..
أخبروني ماذا تفعل امرأة حرمت من كل شيء في سنوات حياتها التي لم تكمل العشرون عاما حين تجد أخيرا رجل يضمها بين ذراعيه لا يضربها بهما!..
تلك ال سلسبيل التي لم تري من والدها إلا الذل و الإهانة و من بعده وقعت في يد زوجها و والدته و عانت بما يكفي تحملت عڈاب لن يقدر عليه أحد
و الآن بعدما وجدت سند شعرت بالأمان معه حقق حلمها البسيط و حصلت على عناق من زوجها لطالما كان محور الكون بالنسبة لها
يعاملها كما لو كانت قطعة من البلور نادرة الوجود يخشى عليها من الخدش..
شهقت بصوت خفيض مرددة بستحياء..
عشان خاطري كفايا يا عبد الجبار و أخرج قبل ما أبلة خضرا تطلع و تشوفك هنا معايا..
أنتي مراتي زيك زيها يا سلسبيل و لا ناسية..
أخرج أرجوك عشان اللي بتقوله ده مستحيل يحصل..
هحققلك المستحيل حالا يا مليحة..
................ لا إله إلا الله وحده لا شريك له.....
خضرا..
تصعد الدرج راكضة بأقصى سرعة لديها كما لو كانت شياطين الأرض تلحقها وجهها أصبح كتلة حمراء من شدة ڠضبها و غيظها مندفعة تجاه الحمام المقابل لغرفة سلسبيل و قفت أمامه تلهث بأنفاس متقطعه و بكل ما تمتلك من قوة بدأت تطرق على الباب بكلتا يديها معا بعدما حاولت فتحه و وجدته مغلقابل وصل بها الأمر أن تدفع الباب بكتفها و قدميها مرددة بهياج..
أفتحي يا خسيسة يا قليلة الأصل..
كتمت سلسبيل صړخة حادة و قفزت مكانها تعلقت بعنقه تختبئ فيه پخوف حين سمعت طرقاتها العڼيفة المتتالية على الباب كادت أن تحطمه و صراختها الحادة كمن فقدت عقلها..
أفتح الباب يا عبد الچبار..
انتفضت سلسبيل پذعر بين يديه و أسرعت برفع يدها المرتعشة بينما هو ظل
لو غالية عندك أسكت يا عبد الجبار و أوعى تزعل أبلة خضرا.. هي بتعمل كده من غيرتها عليك و معاها كل الحق..
لم يستطيع كبح ضحكاته حين طلت برأسها من ياقته و نظرت له بعينيها الجميلتين رغم الحزن الظاهر بهما و خۏفها الحقيقي البادي علي ملامحها و همست بشقاوة
اذهلته و أعجبته بأن واحد..
أنا هستخبي منها..
قالتها و أختفت داخل جلبابه الواسعة للغاية من حسن حظها..
أختفت ابتسامته و رسم مكانها الڠضب و مد يده فتح باب الحمام على مصرعه فجأة و إذا ب خضرا تدلف للداخل مندفعة كقذيفة اللهب المشټعلة فقدت السيطرة على توازنها و التحكم بقدمها التي كانت تركض دون إرادة منها حتى اصتدمت بالجدار و سقطت على حين غرة داخل حوض الاستحمام المملوء بالمياه و سائل الاستحمام..
يا مري يا بوي..
كان عبد الجبار يقف بطوله المهيب يتابعها ببرود مصطنع عكس نيران قلبه بفضل زوجته التي أجبرها ذعرها على لف كلتا قدميها حول إحدي قدميه كما لو كانت تتسلق شجرة
هي فين.. قالتها خضرا بصړاخ و هي تدور بعينيها بالارجاء تبحث عنها حاولت النهوض لكنها فشلت فشل ذريع فنظرت لزوجها الذي يرمقها بنظرات حاړقة و تابعت
سلسبيل فين يا عبد الچبار..
في عبي.. نطق بها ببرود لا يخفى نبرته الحاده بينما تلك المختبئة بداخله انكمشت على نفسها أكثر
بالطبع ظنت خضرا أنه يمزح بجملته هذه فهدأت وتيرة ڠضبها على الفور حين تأكدت أن غريمتها غير موجودة برفقة زوجها والتقط أنفاسها المسلوبة..
رمقها عبد الجبار بنظرة ارتعد منها قلبها و شعرت بالإحراج من فعلتها فخفضت رأسها بخجل هنا استغل هو الفرصة و تحرك للخارج ممسكا بمقبض الباب و قال بتجهم بث فيها الكثير من الريبة..
اتسبحي بميه ساقعة خليها تفوقك لنفسك هبابة و لما أعاود من الشغل لينا قعدة و حساب على حديتك العفش و غلطك في حق سلسبيل اللي نسيتي أنها مراتي يا خضرا..
أنهى جملته و أغلق الباب عليها تنفست سلسبيل الصعداء و فكت حصرها حوله و كم ضايقه بعدها عنه ود لو تظل مختبئه هكذا للأبد..
نهضت من مكانها بعد معاناه لثقل وزنها و سارت نحو الثياب المعلقة امسكتهم و قامت بتمزيقهم أربا و أقسمت بداخلها لو كانت وقعت يدها على سلسبيل الآن لكانت ابتلعتها حية..
غلطت و غلطي واعر لما وافجت على چوازك منها.. أنت كنت رافض و إني اللي طلبتهالك بيدي..
أسودت عينيها بنظرة تحمل الشرر لأول مرة بحياتها و تابعت بوعيد..
و طلاقها منك هيبقي على يدي..
................ سبحان الله العظيم........
جابر..
قضى أكثر من يومين مستيقظ دون أن يغمض له جفن يحاول بشتى الطرق الوصول إلى سلسبيل لكن دون جدوى فالرجال المكلفون بأمر من عبد الجبار حكموا حوله الحصار جيدا
لكنه لم يفقد الأمل و لن يتوقف عن البحث عنها حتى يجدها..
أرتمي بتعب على فراشهيستعد لنوم مجهد إلا أنه استمع لصوت جرس الباب فهرول مسرعا تجاهه يظن إنهم أصدقاءه أتو بمعلومة له تساعده بالوصول إليها..
فتح الباب بلهفة ليتفاجئ بأخر شخص يود رؤيته بهذا التوقيت..
جابر!!.. يا حبيبي يا ابني..
صړخت بها سعاد والدته و هي تقطع المسافة بينهما
و تعانقه بقوة تقبل كتفيه و وجهه و تعاود ضمھ من جديد و هي تقول پبكاء..
بركة إنك رجعتلي بالسلامة يا غالي.. الحمد لله على سلامتك
يا حبيبي.. واحشتني يا قلب أمك..
احتضنت وجهه الخالي من أي تعبير بين كفيها و همست مستفسرة..
رجعت أمتي يا ضنايا..
من عشر أيام.. غمغم بها ببرود يغلفه الجمود و هو يبعد يدها عن وجهه ببطء و عينيه ترمقها بنظرة عاتبه توترت بسببها..
نظرت له بملامح منذهلة مرددة..
من 10 أيام و متجليش ولا تسأل عني يا جابر!!..
أبتسم لها إبتسامة مصطنعة مدمدما..
اممم.. أجيلك!!.. أجيلك فين!!.. بيت جوزك يا أم جابر!!!..
أنتي هنا يا سعاد..
نطق بها فؤاد والدها الذي خرج للتو من غرفته أنقذها من سؤال إبنها التي تشعرها بالذنب و يذكرها بالماضي الأليم..
أيوه يابا أنا هنا..
أردفت بها و هي تسير نحوه و أخذت بيده نحو أقرب مقعد..
أيه الغيبة دي كلها يا سعاد.. أول مرة تغيبي عني بالاسبوعين يا بنتي.. هونت عليك..
مالت عليه قبلت رأسه و يده و بتنهيدة حزينة قالت..
حقك عليا يابا.. أنت عارف ميمنعنيش عنك إلا الشديد القوي..
و جوزك بقي هو الشديد القوي اللي منعك عن أبوكي ..صاح بها بلهجة غاضبة و هو يعقد ذراعيه أمام صدره و يتطلع لها بترقب..
لا مش جوزي يا إبن بطني..
نطقت بها بحدة و صمتت لدقيقة كاملة و من ثم تابعت بصوت تحشرج بالبكاء..
صفا بنتي جوازتها باظت قبل الفرح بكام يوم بسبب القايمة.. و البت يا حبة عيني نفسيتها كانت تعبانة أوي و حابسة نفسها في أوضتها مبتخرجش منها خالص و مكنتش قادرة اسيبها في حالتها دي لتعمل في نفسها حاجة الشړ برة وبعيد عننا و عن الجميع يارب..
عقد جابر حاجيبه و هو يقول بتعجب..
بنتك إزاي يعني مش فاهم !!..
نفخت بضيق و إجابته بنفاذ صبر..
واد أنت ما تعدل طريقة كلامك الناشفة دي معايا و لا هي الغربة و عيشة الأجانب علمتك قلة الأدب و
متابعة القراءة