جابري
المحتويات
تعمدت رمقه بنظرة ثاقبة أصابت قلبه في الحال نظرة كنت أستجديه بها أن لا يتركني أنا من سعيت لزواجي منه فور رؤيته
لو كنت طلبت منه المساعدة فقط و أظهرت عدم تقبلي له من بادئ الأمر كان ساعدني و أبعدني عن والدي و عنه هو أيضا لكن أنا من فتحت له طريقا سهل نحو قلبي طمعت في قلبه فأوقعته بشباكي و أغرقته في بحر عشقي بكامل أرادته
و ها أنا أقف على عتبة الغرفة التي يرقد بداخلها بعد أن نجي من المۏت بأعجوبة يمزقني شعوري بالندم و الألم على ما فعلته به و بعائلته الصغيرة أنا الزوجة الثانية لكني الجانية الأولى فإذا كان هناك أحدا مذنب في حكايتي هذه فهي أنا تلك المذنبة التى أغرمت برجل رأت مدى عشق زوجته له و مع ذلك لم ترحم لوعة قلبها و سرقته منها
كل ما فعلته خضرا لن يكن شيء أبدا أمام ما أنوي على فعله إذا كنت أنا مكانها!!
مجرد التخيل فقط أن زوجي بحضن إمرأة غيري جعلني اتهيأ لأخذ عزاه بابتسامة واسعة بعدما أنهى حياته بيدي صدق من قال هذا المثل المرأة
ترى زوجها بقپره و لا تراه مع إمرأة غيرها حقا صدق
نصحيتي لكل من قرأ حكايتي إياك أن تقربي من رجل متزوج إياك ثم إياك أن تدمري قلب إمرأة مثلك فسوف يأتيك عقاپ قاسې من الممكن أن ېمزق قلبك و روحك مثلي تماما الآن
مش هتدخلي معايا ليه يا أبلة خضرا!
أردفت بها سلسبيل بتساؤل حين رأت خضرا توقفت قبل عتبة باب الغرفة و تراجعت للخلف خطوتين
خليني أنا أهنه هو مطلبش شوفتي لو طلبني هدخله
أبتسمت لهاسلسبيل إبتسامة باهتةو أخذت نفس عميق قبل أن تسير بخطواتها البطيئة مستندة على إحدي الممرضات بيد و يدها الأخرى تضعها أسفل بطنها مكان چرح ولادتها القيصرية
خفق قلبها بشدة كلما اقتربت من الفراش الممد عليه زوجها انهمرت دموعها على وجنتيها بغزارة تعالت وتيرة أنفاسها أصبحت على هيئة شهقات عالية متقطعة فجرحها جعلها لا تقوى على البكاء إلا بتلك الطريقة حتى وصلت لسمعه فنتفض متأوها في مضجعه مرددا بلهفة
عاشق و مغرم هو بها و ليس على العاشق لوم
أخيرا قطعت المسافة الفاصلة بينها و بينه ساعدتها الممرضة على الجلوس على مقعد بجوار سريره لترتمي عليه بحذر شديد
عبد الجبار يا حبيبي أنا السبب في كل اللي حصلك ياريتك سبتني لأبويا يموتني يا ريتك ما اتجوزتني يا ريت قلبك ما حبني ياريتني مت قبل ما تشوفني مكنش كل ده حصلك
صمت لبرهة يلتقط أنفاسه و تابع بصوت اختنق پبكاء مخيف جعل سلسبيل تبكي لبكاءه حين قال بقلب ملتاع أرهقه الفراق
خۏفت أموت وأنتى مش على ذمتي عشان أكده رديتك لعصمتي بس رايدك برضاكي برضاكي يا سلسبيل
بحبك بحبك يا أبو ولادى بحبك يا عبد الجبار و عارفة أني أنانية في حبك بس مش هقدر أبطل أحبك والله ما هقدر
أبتسم لها ابتسامته التي تذيب قلبها العاشق له مغمغما
قولتهالك قبل سابق و هقولهالك تاني
نظر لعينيها نظرته المتيمة التي تأثرها مكملا
كأنك مولودة في جلبي يا بت جلبي يا أم سند و جبر
ضحكت بفرحة غامرة وهي تقول
الله سند عبد الجبار و جبر عبد الجبار أيه الأسامي الحلوة عجبوني أوي يا أبو جبر
تأمل ملامحها بافتنان و بهمس قال
أنتي جبر جلب عبد الجبار يا سلسبيل مع إنك كيف حب الرمان معرفش أتلم عليكي بتفرطي من يدي فرط بس خلاص من انهاردة مهتغبيش عن عيني واصل
ظهر الحزن على ملامح سلسبيل أخفي فرحتها و همست بتساؤل و خجل قائلة
طيب و أبلة خضرا يا عبد الجبار هتعمل معاها أيه!
الخاتمة الأخيرة
بسم الله الرحمن الرحيم لا حول ولا قوة إلا بالله
بعد وقت ليس بقليل وقت كان كافي ليتعافي فيه الجميع من چروح أجسادهم بينما چروح قلوبهم لم تشفي بعد
اليوم مر أربعين يوم على ولادة سلسبيل غادرت المستشفى بعد أسبوع برفقة صغارها أنتقلت بهم إلى منزلها في الإسكندرية بأمر من زوجها عبد الجبار رغم أعتراضها و إصرارها الشديد على البقاء بجانبه إلا أنها انصاعت لحديثه بالأخير
بينما هو مكث شهر كاملا بالمستشفى حتى استعاد صحته من جديد خرج برفقة والدته التي فقدت قدرتها على الحركة و الحديث تماما أصبحت لا تقوى على فعل أي شيء سوي تحريك أهدابها فقط
خلال تلك المدة ظلت عفاف برفقة بنات عبد
الجبار بمنزلهم الجديد بالإسكندرية المجاور لمنزل سلسبيل بينما عادت خضرا لأهلها في الصعيد بعد إدراكها أن وجودها غير مرغوب من الجميع
فور خروج عبد الجبار أنتقلت عفاف على الفور عائدة إلى سلسبيل و ظل هو برفقة ابنتيه و والدته يقوم بخدمتهم بنفسه يحاول قدر المستطاع إحتواء أبنتيه و تفهم حالتهما النفسية السيئة للغاية بسبب ما مروا به
عشرة أيام منذ خروجه من المستشفى و سلسبيل تنتظر مجيئه إليها يرى صغاره يوميا و يطمئن عليهما ولكنه لم يخطو لمنزلها حتى الآن و هي تحلت بالصبر تقديرا لحالة والدته و أبنتيه
تقف كل ليلة في شرفة غرفتها تطلع على باب المنزل الخارجي تنتظر طلته على أحر من الجمر على يقين أنه سيأتي إليها و هي ستظل دائما فى إنتظاره خاصة الليلة سيأتي لا محالة فاليوم فرح جابر و بالتأكيد لن يتركها تذهب بمفردها
سلسبيل أنتي لسه وقفة مكانك ملبستيش!
أردفت بها عفاف التي دخلت للتو حاملة الصغيران على كلتا يدها
تنهدت سلسبيل بحزن و هي تقول
مستنية عبد الجبار يا ماما هو أكيد هيجي عشان نروح الفرح سوا
أشارت بعينيها على الفراش الموضوع عليه بدلة سوداء كاملة و فستان في غاية الجمال و الرقي من اللون الكاشمير بلون رابطة عنق البدلة
أنا جهزت له البدلة و مستنياه عشان ألبسه بأيدي
ظهر الأسف على وجهه عفاف و هي تقول
سلسبيل يا حبيبتي ألبسي يله على ما أبلغ السواق يجهز عشان يوصلك لأن عبد الجبار بيه مش هيجي
تطلعت لها سلسبيل بتساؤل تحثها على استكمال حديثها فتابعت عفاف قائلة
لأنه راح الصعيد يجيب خضرا
انتفض قلب سلسبيل انتفاضة قوية و تجمعت العبرات بعينيها و هي تقول بهمس متحشرج بالبكاء
هو قالك أنه رايح يجيبها يا ماما عفاف!
اه يا حبيبتي قالى البنات محتاجين أمهم رغم زعلهم منها بالذات فاطمة بنته الكبيرة تعبت إمبارح و بقت ټعيط من كتر التعب و هو بقي هيتجنن و يسألها أيه اللي تعبها ټعيط و مش راضية ترد على سؤاله و كل اللي عليها تقول عايزة أمي جبلها دكتورة و كشفت عليها لقيتها تعبانة من البيريوت اتريها بلغت و مكسوفة تقول لأبوها و حتي مكسوفة مني أنا كمان وقتها قرر أنه هيسافر يجيب أمهم و فعلا مشي قبل ما الشمس تطلع
هبطت دموع سلسبيل على وجنتيها ببطء مرددة
و تفتكري هي هتوافق ترجع معاه بعد اللي حصلها!
أطبقت جفنيها وهي تتذكر أخر لقاء جمعها ب خضرا
فلاش باااااااااااك
تجلس على الفراش ضامة صغارها بين ذراعيها بحنان العالم أجمعغالقة عينيها التي تنهمر منها العبرات بدون أدنى إرادة منها بسبب قوة المشاعر الجياشة التي تعيشها تستنشق عبيرهما بلهفة و فرحة غامرة لم تشعر بها من قبل تغلف قلبها و روحها
بينما تقف صفا بجوارها عفاف محتضنة فاطمة حياة يتابعونها بابتسامة و أعين دامعة من شدة تأثرهم
كانت منفصلة عن الدنيا معاهما حتى أستمعت صوت طرقات ضعيفة على باب الغرفة فتحت عينيها پصدمة حين قالت فاطمة بصوت هامس مذعور
محدش يفتح دي أكيد أمه خضرا
نظرت عفاف ل سلسبيل نظرة أسف يملؤها الشفقة فتفهمت سلسبيل علي الفور ما يدور حولها و سبب الذعر الظاهر على ملامح الفتاتين
ربتت عفاف على ظهرهما مرددة بنبرتها الحنونة
متخفوش يا حبايبي
فتحت صفا الباب فدلفت منه خضرا بخطي بطيئة تدور في المكان بعينيها الزائغة تبحث عن بناتها لترمقها عفاف نظرة عاتبة مكملة بثقة
مامتكم عمرها ما هتأذيكم تاني أبدا
ليجهشان بنوبة بكاء
حاد و هما يدفنان وجهها داخل حضڼ عفاف و يرتجفان بقوة مما دفعها لسحبهما سريعا تجاه غرفة أخرى داخل الجناحتابعتهما خضرا بقلب ينفطر على حالتهما التي تشق القلوبعقابها هذا أقوى و أقسى عقاپ يمكن أن تتعرض له أي أم توجهت بنظرها ل سلسبيل التي تبادلها النظرة بأخرى مترقبة
ساد الصمت للحظات حتى قطعته صفا و سارت تجاه الغرفة المتواجدة بها عفاف
طيب أنا جنبك هنا يا سلسبيل لو احتاجتي أي حاجة أهمسي بس هتلاقيني قدامك
مبروك ما جالك يا خيتي يتربوا بحسك و في عز أبوهم إن شاء الله
أردفت بها خضرا بابتسامة باهتة و هي تحاول السيطرة على عبراتها التي أغرقت وجنتيها و استدارت على الفور تستعد للخروج
أستنى يا أبلة خضرا قالتها سلسبيل بصوت مخټنق بالبكاء نظرت لها خضرا مرة ثانية لتحسها سلسبيل على الأقتراب منها و هي تمد لها الصغيران تفاجأت من فعلتها هذه لكنها هرولت تجاهها بسعادة بالغة ظهرت على ملامحها الحزينة و التقطت منها الصغيران معا لصغر حجمهما تضمهما بلهفة لصدرها و اڼفجرت بنوبة بكاء مرير حين قالت لها سلسبيل بابتسامة دافئة رغم الدموع العالقة بأهدابها
قولتيلي إن عبد الجبار فداكي بروحه و خد الړصاصة مكانك و أنا واثقة إنك هتفدي ولاده بروحك و هيبقوا ولادك أنتي كمان زي ما فاطمة و حياة بعتبرهم بناتي
كانت خضرا تضم الصغيران و تقبلهما بحنان بالغ و هي تبكي بكاء يبكي الحجر لعلمها أن صوتها سيصل لابنتيها تعبر لهما ببكائها هذا عن مدى ندمها على خطأها في حقهما
لتتوقف فجأة عن البكاء و تنقلت بنظرها بينسلسبيل و الصغيران بأعين متسعة على آخرها و
متابعة القراءة