رواية للكاتبه رحمه سيد

موقع أيام نيوز

بتوجع أضعافك أنت على طول كنت الحيطه اللي بتسند عليها وقت ۏجعي بلاش تكسرني يا عمار. 
ربت عمار برفق على يدها الممسكة بيده وتحرك إبهامه بتلقائية يمسد ظاهر يدها ببطء ورقة داعبت أعماق روحها خاصة حينما هتف بخفوت شارد
اوعدك هحاول... عشانا ! 
قال أخر كلمة ببحة ذات مغزى وهو يخص بطنها بنظرة دافئة خاصة وكأنها كنزه الثمين الذي فاز به من تلك المعركة المهلكة....!
بعد مرور أسبوعان.....
كان عمار متيقنا أنه لن يزيل تلك الهالة الشائبة عن حياتهم إلا بعد أن يأخذ إنتقامه من ذلك اللعېن فكان طوال الأيام السابقة يسعى ويجمع الأموال بكل الطرق حتى يستطع السفر لخارج البلد لذاك الملعۏن ليأخذ بثأره منه.. 
كان يتحدث في الهاتف مع احد الاصدقاء الذي يعمل في امور السفر وما شابه ذلك فقال بنبرة منفعلة
أنا مش هستنى اسبوعين تاني يا عز حاول تتصرف وتشوفلي اقرب سفينة طالعة للسعودية وتحجزلي فيها الموضوع مهم وضروري بالنسبالي. 
فأتاه صوت الأخر متنهدا بقوة وهو يقول
أنت عارف إني بحاول بس صعب يا عمار بس صدقني هحاول أتصرفلك. 
تمام شوف ورد عليا. 
حاضر يا عمار سلام. 
مع السلامة.
أغلق عمار الهاتف وهو يزفر بقوة ممررا أصابعه بين خصلاته پعنف.. ليجد فجأة جنة تفتح باب الغرفة وتدلف بملامح متجمدة مصډومة فسألها عمار متوجسا
في إيه يا جنة مالك 
ارتعشت شفتاها من هول الصدمة وهي تخبره
ماما إتصلت بيا دلوقتي بتقولي إن إيهاب كان راكب أتوبيس وإتقلب بيه وماټ مټشوه!
فصدم عمار هو الآخر لا يصدق اذناه... كان يسعى ويسعى في طريق الإنتقام من ذلك الحقېر ولكن فجأة تدخلت رغبة القدر لتسدل الستار وتعلن نهاية ذلك الطريق....!
في منزل لمياء شقيقة جنة ....
كان الجميع متجمعين في ذلك المنزل بطبيعة الحال عند حدوث حالة ۏفاة ولمياء تبكي بإنهيار... حتى وإن كان إيهاب شخصية اكتشفت أنها لم تكن الشخصية التي تمنت أن تكمل معها حياتها ابدا حتى لو كان متناول للمخډرات.. شخصية سيئة... حتى وإن كانت تريد الطلاق منه ولكنها رضخت امام الكلام المعتاد من أهلها ك 
اديله فرصة يمكن يتغير .. متخربيش بيتك .. حاولي تستحمليه وتغيريه عشان عيالك ... 
فهو يظل والد ابناءها... وماټ مېتة جعلت الشفقة تستوطن قلبها تجاهه ماټ وحيدا في بلد ليست بلده وتشوه جثمانه بعد أن تمزق كما تمزقت ملابسه بفعل الحاډث... فكان الناس المتجمعون في الشارع يجاهدون لستر عورته بصعوبة شديدة.... 
وقد كانت جنة تواسي شقيقتها بصعوبة شديدة تجبر نفسها جبرا على التلفظ بأي كلمة مواساة... بينما هي لا تشعر ب كلها اصلا.... 
تشعر بالتيه بحالة من عدم الاستيعاب والجمود تبتلعها... وكأنها سقطت بين كماشتي الصدمة ولا تحس سوى بذلك السؤال يصدح داخلها مسببا صدى قوي 
هل أخذت حقها بتقدير اللهي دون أن يلطخ عمار يده بدماء ذلك القذر.. دون أن تفضح !! 
كانت تجلس بوجه شاحب خالي من الروح وكأنها هي زوجة المتوفى وليست شقيقتها... وعمار كان يراقبها بصمت بعينين مشفقتين... لا يشعر بها احد سواه.... هي كمن اعتادت على رؤية ذلك الظل الأسود يسيطر على زمام حياتها وحين ازيح ذلك الظل.... لم تستوعب اختفاءه فورا... بل شعرت بتشوش حقيقي... وذلك الۏجع يصحو من جديد وكأنه وليد اليوم... ولكن الجيد أنها واخيرا نالت حقها الذي تستطيع به تضميد ذلك الۏجع وكتمانه.....
فتحرك عمار دون كلام ليجلس جوارها ودون أن يفكر مرتان كان يجذبها لأحضانه بقوة مغمضا عيناه بشيء من الأرتياح يغمرها بدفئ احضانه... وكأنه يخبرها أنا معك.. يسندها كما اعتادت دوما حتى لا تسقط في ظل هذا الھجوم المتتالي من الأحداث ... 
وبعد دقائق نهض بهدوء يحاوط جنة بذراعاه موجها حديثه لحماته بصوت خفيض
بعد اذنك يا ماما انتي عارفة جنة حامل والضغط النفسي غلط عليها ف انا هاخدها ونمشي عشان ترتاح وهنيجي بكره بأذن الله. 
اومأت والدتها برأسها موافقة بخفوت
ماشي يا عمار ربنا يحميك ويحفظكم لبعض يارب.
بعد مرور حوالي ثلاث شهور....
كاد عمار يغادر لعمله كعادته يوميا ولكن استوقفته جنة التي دخلت له الغرفة بملامح متشنجة يطفو على سطحها الألم وهي تمسك بطنها هامسة بوهن
عمار أنا هنزل مع ماما نشوف دكتورة عشان تعبانة شوية. 
فاقترب منها عمار مسرعا يسألها بصوت متلهف قلق
مالك حاسه بإيه 
فعقدت حاجبيها وراحت تخبره بنبرة فاح منها الألم بوضوح
بطني ۏجعاني اوي مش قادرة امبارح جاتلي نغزات كده بس قولت عادي واستحملت بس النهارده زادت. 
إلتقط عمار هاتفه مسرعا ثم حاوطها بذراعاه متابعا بتلك النبرة الحانية المحببة لقلبها
الف سلامة عليكي يا حبيبي تعالي انا هاخدك للدكتورة وفي الطريق هكلم مامتك اقولها اني اخدتك. 
اومأت موافقة دون أن تنطق بشيء لم تطلب منه أن يذهب معها لطبيبة حتى تعطيه الفرصة ولا تضغط عليه كما أخبرها سابقا ولكنها سعيدة بمبادرته واخيرا بعد فترة كانت تذبل فيها فعليا كزهرة تنمو في صحراء قاحلة وهي بعيدة عن أحضانه... بعيدة عنه وإن كانت قريبة في المكان !
وبعد فترة.....
كانت الطبيبة قد إنتهت من فحص جنة فجلست في هدوء تخبرهم بنبرة دبلوماسية
متقلقوش الجنين بخير بس المدام عندها ضعف عام وواضح إن التقلصات دي والألم اللي بتحس بيه لسبب نفسي مش عضوي وطبعا مش محتاجة اقولكم إن النفسية مهمة جدا في الشهور الأولى وبتأثر على الجنين. 
طبعا يا دكتورة شكرا جدا لحضرتك.
تمتم بها كلاهما شاكرين الطبيبة... ولكن عمار كان في واد آخر... حبيس أفكاره وعتاب ضميره كان يسقط عليه كالسوط ليجلده مع كل كلمة من الطبيبة... كيف لم يفكر يوما منذ أن عرف بخبر حملها أن يأخذها لطبيبة ليطمئنا على الجنين !.. ألهذه الدرجة هو كان مقصر في حقها وفي حق طفله.. ألهذه الدرجة ضغط عليها نفسيا حتى وصل ۏجعها لطفله الذي لم يأتي بعد...! 
كان يجب عليه على الأقل أن يكن حريص بشأن ما يخص طفله... زفر پعنف وهو يمسح وجهه الملتوي بمشاعر شتى.... ثم قرر أن يقف وقفة حاسمة مع نفسه بشأن ما حدث وما سيحدث... 
يجب عليه أن يحجم أشباح الماضي التي كانت تطوف حياتهما سارقة منهما كل شعور دافئ زاهي لتتركهم فقط ملطخين بوصمات الماضي...!
وما إن وصلوا منزلهم حتى توجهت جنة نحو غرفتهما تبدل ملابسها وتتسطح على ذلك الفراش بإرهاق نفسي وجسدي... 
ثم إنتبهت حين وجدت عمار يدلف ليجلس جوارها على الفراش ثم اقترب منها ليطبع قبلة عميقة معتذرة على جبينها هامسا بصوت أجش شاعرا بالذنب
انا اسف إني قصرت معاكي جامد الفترة اللي فاتت وأسف إني تعبتك وخليتك تفكري إني بعاقبك حقك عليا يا ست البنات صدقيني مكنتش قادر أتخطى اللي حصل بسهولة. 
اومأت جنة موافقة بعينين لامعتين بالدموع
أنا عارفة يا حبيبي وفاهمة كويس متقلقش بس صعبان عليا بعدك عني كل الوقت ده. 
اقترب عمار وبرقة شديدة قبل الدمعة التي تحررت من أسر بنيتاها وحين شعرت جنة بملمس شفتاه على وجهها وعينيها أحست برعشة خفيفة تطوف 
من النهارده بأذن الله مفيش بعد مفيش أسرار.
اومأت هي الاخرى برأسها بلهفة وسعادة حقيقية ليقترب عمار بوجهه أكثر من وجهها حتى تشاركا الأنفاس... ليهمس بخشونة عادت عاطفته نحوها تغزوها
تم نسخ الرابط