رواية مكتملة بقلم هدير نور

موقع أيام نيوز

 

 


في بيتنا كام مرة لكن عابد عمره ما زاره ولا خطى البلد بتاعته دى
بس بعدها بكام سنة روحنا البلد و حضرنا فرح ابوك مأمون على خديجة امك كانت بدر منور و الكل كان بيحلف بجمالها..
بس يومها عابد مسك فى خناق مأمون و حصلت بينهم خناقة كبيرة اوى و سيبنا الفرح و روحنا...و فضل عابد مقاطعه فترة طويلة اوي.....

تتفست بعمق تلتقط انفاسها قبل ان تكمل 
اما بقى انا و عابد فضلنا اكتر من ٧ سنين من غير ما ربنا يرزقنا بالخلفة... عابد كان عنده عيب يمنعه من الخلفة..
وقتها ابويا عمل مشاكل و أصر اننا نتطلق و انا كنت بدأت اكره حياتى مع عابد كان انسان أنانى.. و مكنش بتاع شغل و كان ابويا هو اللى بيصرف علينا.. سيبتله البيت فعلا و كنت ناوية انى اطلق منه.... لحد ما جه فى يوم و قالى انه عايز يقابلنى و فضل يزن كتير لحد ما وافقت و روحت اقابله و اشوفه عايز ايه لقيت معاه طفل عمره ميكملش اسبوع.....
ووبف قليلا لتمسك بيد راجح بين يدها و تنظر اليه باعين تلتمع بالدموع و كم الحب الأمومى الذى تشعر به نحوه
الطفل ده كان زى حتة من الجنة اول ما شوفته خطڤ قلبي و روحى... 
عابد قالى انه ابن صاحبه و صاحبه ده ماټ بعد ما غلط مع بنت غلبانة يتيمة حملت منه و ماټت و هى بتولد... وطلب منى انى ارجعله و ناخد الطفل ده في حضننا كأنه ابننا.... 
همست باكية و الدموع ټغرق وجهها
خدناك و سيبنا البلد و سافرنا على هنا القاهرة .. علشان محدش يشك انك مش ابننا... عدت أول سنة كنا كويسين و عابد كان حاله اتصلح لحد ما في يوم كان عابد مسافر...
لان كنت عارفة ان عابد و مأمون مقطوعين من شجرة مالهمش اى حد امهم ماټت و هما صغيرين و ابوهم ماټ و عابد عنده يجى عشرين سنة.... 
الست دى اول ما شافتك قعدت ټعيط وتقول ابن مأمون... انا مكنتش وقتها فاهمة تقصد ايه... بس هى بدأت تحكيلى ان مأمون و
مراته
و ان مأمون ماټ على طول لكن خديجة مراته فضلت في غيبوبة حاولى اسبوع وهى فى الغيبوبة ولدتك.. 
انا وقتها اټصدمت لان مكنتش اعرف ان مأمون و خديجة ماتوا... انا كنت فاكرة انه و عابد 
تنفست بعمق قبل ان تكمل
عمة عابد بقى قالتلى انها اتفقت مع عابد انه بما ان خديجة مالهاش اهل و كانت يتيمة و ان مأمون مالوش حد من قرايبه عايش غير عابد و بما انه مبيخلفش فهو الاوله بابن اخوه ياخده و يربيه.. 
و اتفقوا يقولوا فى البلد بتاعت مأمون.. انه ماټ هو و مراته و العيل اللي في بطنها كمان...
وقالتلى ان عابد وعدها انه يبعتلها قرشين تعيش منهم كل شهر..علشان مأمون الله يرحمه هو اللى كان بيصرف عليها... 
و بدأت تحكيلى عن بلاويه قبل ما اتجوزه....
توقفت قليلا نعمات تبتسم من بين دموعها عندما رأت صدفة تقترب من زوطها الذى كان وجهه قاتم متغضن بالحزن و الڠضب في ذات الوقت برفق نحوها فى محاولة منها لمواساته و التخفيف عنه... 
حمدت نعمات الله بداخلها على انه رزق ولدها بتلك الزوجة المحبة الحنونة... تنهدت قبل ان تسترد قائلة
قالتلى ان عابد طول عمره كان بيغير من اخوه مأمون... علشان مأمون من صغره الناس كانت بتحبه بسبب اخلاقه و طيبته و انه كان حافظ كتاب ربنا عكس عابد اللى كان زرعة شيطان كان خمورجى و كان بيأذى الناس دايما و يجى على الغلبان منهم.... 
و كانت الناس دايما بتقارنه بمأمون.. و انه ازاى مش زى اخوه الشيخ المحترم..و ده اللى خلى كرهه لأخوه يزيد اكتر... 
بتاعت البلد كان ابوهم فرحان ان ابنه بقى شيخ و امام جامع كل الناس بتحترمه لعلمه و أدبه كان دايما فاكر ان ابوه بيفضل اخوه عنه...بس على العكس ابوهم صادق كان دايما في ضهر عابد و ياما دارى على بلاويه اللى كان بيعملها... لحد ما ابوهم ماټ... وعابد فجر اكتر و اكتر حاول مأمون يكلمه و يخليه يرجع في طريقه ده بس مكنش بيسمعله و كان پيتخانق 
وقتها الناس مسكته ضړبته وبهدلته و كانوا ھيموتوه لولا ان مأمون ادخل و انقذه 
من بين ايديهم و الناس علشان بتحب ابوك الله يرحمه وافقوا يسيبوه بس على شرط انه يمشى و ميخطيش البلد تانى.. و طردوه فعلا..... و مرجعش الا على فرح مأمون و خديجة بعد ما مأمون اتحايل على الناس انهم يسمحوله بس يحضر فرحه و علشان الناس بتحبه وافقوا بس عابد مسك فى مأمون ليلتها غله و حقده خلاه مش قادر يشوف اخوه فرحان و مسك فيها و اتخانقوا و ساب الفرح و مشى....
صمتت نعمات قليلا قبل ان تلتف نحو راجح هامسة پبكاء 
انا لما عرفت كل ده كنت هسيبه و اطلق منه... بس هو هددنى بيك و قالى لو انا اطلقت منه هياخدك منى و يرميك فى اى دار ايتام... هددنى بيك علشان كده مقدرتش اسيبه...و بعد كام
غمغم راجح بصوت مظلم و الضغط الذي قبض علي صدره ېهدد بسحق قلبه
قالى فعلا... بس قالى ان ابويا اسمه مأمون منير و يبقى صاحبه 
همست نعمات پبكاء مرير وهى تمسك بيديه 
دى غلطتى يا بنى...انا عارفة انى المفروض كنت اتكلم معاك عن امك و ابوك الحقيقين بس انا غيرتى و حبى ليك خالونى زى المچنونة مكنتش عايزاك تفكر فيهم... كنت عايزاك تفضل ابنى انا وبس... متفكرش في واحدة تانية انها امك حتى لو كانت مېته انا عارفة انى غلطانة و انى انانية...و انى لو كنت اتكلمت معاك عنهم مكنش الكل ب ده قدر يأذيك.....
حقك عليا.. يا ضنايا... حقك عليا... انا عارفة انك اكيد زعلان منى... انا انانية و ست وحشة.....
ضمھا راجح اليه بقوة هامسا بصوت مخټنق 
لا ياما انا مش زعلان منك و متقوليش على نفسك كده.... انتى احسن ام في الدنيا دى.. طول عمرك حنينة عليا اكتر حتى ما كنت حنينه على ولادك اللى من صلبك..و انا من غيرك مسواش حاجة...
اهدى يا خالتى....اهدى علشان سكرك ميعلاش.. 
انحنى راجح مقبلا اعلى رأس والدته
خلاص ياما علشان خاطرى... وغلاوتى عندك....
غلاوتك عندى كبيرة يا راجح....
نهضت صدفة بتثاقل بسبب بطنها المنتفخة حتى تحضر لهم الطعام مستغلة الامر حتى تتركهم سويا قليلا بمفردهم.. 
ذهبت و عادت بعد قليل تحمل بصعوبة صينية كبيرة ممتلئة بالطعام لتجتاحها الراحة عندما وجدت نعمات قد توقفت عن البكاء و تتحدث مع راجح و ابتسامة مشرقة تملئ شفتيها ..
كده يا صدفة... شايلة كل دى.. تقيلة عليكى....
ابتسمت قائلة وقلبها يمتلئ بحبه بسبب حنانه هذا
متخفش يا حبيبى... خفيفة....
وضع الصنية على الطاولة من ثم بدأ يضع امام والدته الطعام يطعمها بيده و هو يحاول جعلها تضحك حتى يخفف الامر عنها..
راقبت صدفة اهتمامه بوالدته هذا و ابتسامة ناعمة على وجهها فقد كان حنون على من يحبهم..لا تعلم كيف استطاع عابد ان يكرهه كيف يمكن لأى شخص ان يكره مثل هذا الانسان الرائع... 
عندما انتهوا من الطعام حمل راجح الصحون الفارغة للمطبخ بينما ذهبت نعمات الى غرفة 
الصندوق ده فيه صورة امك و ابوك انا كنت محتفظة بها...
تناول منها راجح الصندوق بيد مرتجفة لتكمل سريعا باضطراب و تلعثم و بداخلها تعلم انها تأخرت كثيرا فى اعطاءه تلك الصورة
انا... انا هروح انام... تصبح على خير يا ضنايا 
ظلت واقفة تنتظر اجابته عليها لكنه كان واقفا جامدا ينظر باعين متسعة بالرهبة الى الصندوق الذى بيده مما جعلها تستدير بصمت نحو غرفتها.. 
خرج راجح من حالته تلك ليلحق بها و يحتضنها بين ذراعيه برفق مقبلا
اعلى رأسها قائلا باستسماح
و انتى من اهل الخير ياما...
رفعت نعمات رأسها تبتسم له برضا مربته على ظهره قبل ان تدلف الي غرفتها بينما اتجه راجح نحو غرفته بخطوات بطيئة و عينيه لازالت مسلطة على ذلك الصندوق ..
جلس على الفراش بجانب صدفة و عينيه لازالت ثابتة على الصندوق الذى بين يديه تنفس بعمق و ضربات قلبه تعصف پجنون داخل صدره قبل ان يستجمع شجاعته و يفتحه اخيرا..
اخرج منه الصورة ليهتز جسده بقوة كما لو صاعقة قد ضړبته فور ان رأى صورة والديه حيث كان والده نسخة منه..
الفرق الوحيد بينهم ان والده كان ذو لحية و يرتدى عابئة و عمامة بينما كانت تقف بجانبه 
ممررا يده برفق فوق وجه كلا من والديه و كامل جسده يهتز بقوة باكيا بصمت على ما فقده...
كانت صدفة جالسة خلفه تراقبه بصمت مناحة اياه بعض المساحة لكنها لم تستطع ان تظل مكانها عندما رأت حالته تلك زحفت علي الفراش حتي اصبحت تجلس خلفه 
ظلوا على حالتهم تلك عدة دقائق
و ابويا شيخ ... يعنى انا مش دمى نجس و لا فاسد زي ما كان بيقولى.....
تضمه اليها تمرر يدها برفق فوق ظهره العريض الذى كان يرتجف اسفل لمستها محاولة تهدئته بينما تبكى هى الاخرى على ألمه هذا ... 
ده انسان مريض...مش فاهمة ليه عمل فيك كده ايه اللي استفاده لما يشوه سمعة اخوه المېت...
انا دلوقتى فهمت كان بيعمل فيا كده ليه... 
ليكمل وهو يشير نحو صورة والديه التى لازالت بيده
حاول يشوه سمعة ابويا ويلزق فيه الكلام اللى كان الناس بتقوله عليه... علشان يرضى نفسيته المړيضة...
اشتدت عينيه قسۏة و هو يردف مزمجرا بۏحشية
بس قسما بالله لأدفعه التمن غالى....
مررت يدها فوق وجهه تمسح الدموع العالقة به قبل ان تحيطه بيديها
انساه و ارميه ورا ظهرك يا حبيبى انت ضړبته و خدت حقك منه... و خدت الوكابة المحلات بتاعتك... 
لتكمل سريعا مقاطعة اياه عندما هم بالأعتراض
علشان خاطرى و خاطر ولادنا.. خالينا نركز في حياتنا و مستقبلنا.... كفاية لحد كدة
همست متوسلة و هى ترفع يده تطبع فوق راحته قبلة 
علشان خاطرى ياحبيبى...
تنهد راجح قبل ان يستسلم و يومأ برأسه
بالموافقة.
بعد مرور ثلاثة اشهر...
كان راجح مستلقى فوق الاريكة و بين ذراعيه تستلقى صدفة يشاهدان التلفاز بمنزلهم الجديد حيث قام راجح بعد ان استقرت الامور بعمله بشراء مبنى كامل مكون من ٧ شقق فاخرة قام بكتابة نصف المبنى باسم صدفة رغم اعتراضها و عدم موافقتها الا انه كتب نصفه لها فقد اخذ على نفسه عهدا بان ما حدث لها سابقا و عدم وجود مكان تلجئ اليه لن يتكرر مرة اخرى فاذا حدث له شئ سيكون هذا أمانها...
كما خصص لوالدته احدى تلك الشقق و جعل لشقيقه مروان شقة
و لهاجر ايضا شقة...حيث ان اشقاءه تركوا
والدهم و جائوا للعيش معه...
قد تعلمت
 

 

 

تم نسخ الرابط